الثلاثاء، 14 أبريل 2015

قصة عن الرقص والغناء



قصة عن الرقص والغناء
رقصة القرود ورقصة العصافير :
يحكى أنه، في قديم الزمان، كان هناك حطاب عجوز، سار يومًا بعيدًا في
الجبال بحثًا عن الحطب حتى أنه ضلّ طريقه. مشى طوي ً لا وهو لا يعرف إلى أين
يمضي، حتى سمع فجأة موسيقى تنساب عن بعد، وشم روائح زكية تنبعث من طعام
وشرب.
تسلق قمة أحد التلال، فرأى حشدًا كبيرًا من القرود. كانت تأكل وترقص وتغني
وتشرب نبيذًًا صنعته من الرز. وكانت رائحة ذلك النبيذ زكية حتى أن الرجل العجوز
تمنى لو أن بيده شيئًا منه ليشربه في الحال.
كان غناء القرود شجيًا، ورقصها جمي ً لا لدرجة أدهشت الحطاب العجوز. التقط
أحد القرود قنينة، ما كانت في الحقيقة إلا قرعة، وملأها نبيذًا وقال أنه آن أوان
عودته الى البيت. ودعته القرود الأخرى ومضى في سبيله الى البيت. وحين رأى
الحطاب العجوز ذلك قرر أن يتبع ما فعله القرد لعل بمقدوره الحصول على شيء من
النبيذ.
ولم يمض وقت طويل حتى شعر القرد بالتعب من حمل القرعة، فتوقف وصب
بعض النبيذ في قارورة صغيرة، وأخفى القرعة بما تبقى فيها من نبيذ داخل تجويف
شجرة قديمة. ثم وضع القارورة على رأسه ومضى في سبيله مرحًا يوازن القارورة
على رأسه بخفة ورشاقة.
كان الحطاب العجوز يختلس النظر مراقبًا كل ذلك. وحين ذهب القرد قال
الشيخ العجوز: " من المؤكد أنه لن يمانع إذا ما أخذت شيئًا من هذا النبيذ الرائع."
وركض الى تجويف الشجرة وملأ قارورة من ذلك النبيذ. وفكر قائ ً لا: " إنه لنبيذ
رائع. إن كان مذاقه طيبًا مثل رائحته فلا بد وإنه نبيٌذ فاخر  . سآخذه الى زوجتي،
هذا إذا تمكنت من العثور على طريقي الى البيت."
وفي هذه الأثناء كانت زوجته أيضًا تخوض مغامرة فلقد كانت تغسل بعض
الثياب ولاحظت فجأة أن العصافير لديها حفلة من نوع ما. وكانت تلكم العصافير هي
الأخرى تشرب شيئًا زكي الرائحة، وأن المرأة العجوز هي الأخرى كانت متلهفة
للحصول على شيء منه.
وحين انتهت العصافير من الرقص الغناء سارعت المرأة العجوز الى إخفاء
إحدى قناني القرع تحت ردائها وعادت مسرعة الى البيت. وفكرت قائلة: "سآخذ هذا
إلى زوجتي، لأن مذاقه إن كان طيبًا مثل رائحته فلا بد وان يكون فاخرًا بحق."
وما أن وصلت إلى البيت حتى ظهر زوجها، بعد أن عثر أخيرًا على طريقه
الى البيت. قال الإثنان في وقت واحد: "لدي شيء أريد أن أريه لك." ثم حكى كل
منهما قصته وتبادلا القنينتين واحتسيا النبيذ.
كان مذاقه لذيذًا، ولكن ما أن انتهيا من شربه حتى تملكتهما رغبة لا تقاوم في
الرقص والغناء. وشرعت المرأة العجوز تثرثر وتقفز كالقرد في حين مد الرجل
العجوز يديه وأخذ يزقزق كالعصفور.
أنشد الرجل العجوز:
" ما أحلاها، مئات العصافير؛
ترقص وتغني في الربيع!!"
وأنشدت المرأة العجوز:
" ما أقوانا، نحن القردة، مئات القردة،
نقفز، نمرح، ويضج بنا المكان !!"
كان ضجيجهما عاليًا صلخبًا حتى أن مالك الغابة التي يعيش فيها سمعهما فجأة
مسرعًا. وهناك رأى المرأة العجوز ترقص مثل القرد والرجل العجوز يرقص مثل
العصفور. وقال مالك الغابة: "لا! لا! إن هذا لا يجوز. إن كنتما تريدان الرقص فإن
رقصة المرأة ينبغي أن تكون رشيقة تليق بسيدة كرقصة العصفور وأن رقصة الرجل
ينبغي أن تكون جسورة تنم عن رجولة كرقصة القرد، وليس العكس."
وهكذا توقف الزوجان العجوزان عن الرقص وق   صا لسيدهما قصتي
مغامرتيهما. فقال: "كنتما، بالطبع، تشربان النبيذ الخطأ. لماذا لا تتبادلان القنينتين ثانية
وتريان ما الذي سيحدث."
وتريان ما الذي سيحدث."
بعد ذلك كان الرجل العجوز يشرب دائمًا نبيذ القرود ويرقص بكل رجولة.
وكانت المرأة العجوز تشرب نبيذ العصافير وترقص رقصًا يليق بسيدة. وكان كل من
يراهما يرقصان ويسمعهما يغنيان يعجب لروعة أدائهما، ويبدأ من فوره في تقليدهما.
ولهذا السبب ما زال الرجل حتى يومنا هذا حين يرقص فإنه يقفز بخفة ولكن ملؤها
الرجولة فيما ترقص المرأة هي الأخرى حتى يومنا هذا بأنوثة ملؤها رشاقة الطير.