موضوع حول البيئة للاطفال
الاعتداء على البيئة منظور إسلامي
المصطلح الشائع في ادبيات البيئة هو الاعتداء على البيئة ، لكن هذا المصطلح لم يشع في الاسلام وبدلاً منه شاع مصطلح الافساد في الارض ، مع انه غير شائع في ادبيات البيئة المعاصرة ، ومن المهم هنا تحديد مفهوم هذا المصطلح الاسلامي وبيان صوره وابعاده ، ومن ثم مدى تميزه او اتفاقه مع المصطلح الشائع " الاعتداء على البيئة "
مفهوم الافساد : الافساد لغة إذهاب ما في الشيئ من نفع وصلاحية والفساد خروج الشيئ عن حد الاعتدال ، ويضاده الصلاح ، او هو تحول منفعة الشيئ النافع الى مضرة به او بغيره .
والافساد شرعاً لا يختلف عن هذا المفهوم اللغوي ، مع ملاحظة ان الشرع لم يحظر كل إزالة لصلاحية الشيئ ، وانما حظر فقط الازالة التي لايترتب عليها نفع او مصلحة اهم ، ولنعد التدبر في هذه الاية الكريمة : ( ولا تفسدوا في الارض بعد إصلاحها ...) الاعراف ) ولنستمع الى ما يقوله المفسدون فيها في هذا الوقت أخبر القرآن الكريم بقرب ظهور اثر الفساد في البحر فنزل قوله تعالى : ( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ) الروم ) .
عبر الماضي ليدل على قرب الوقوع كقوله تعالى ( اتى امر الله فلا تستعجلوه ) النحل ) . والفساد مضاف الى محذوف تقديره ظهر اثر الفساد ... وقد ظل المسلمون يقرؤون هذه الاية دون ان يتساءلوا عن فساد البحر ما هو ؟ فلم يكن يخطر على بال ان فساد الانسان سيملأ اليابسة وينتقل الى البحر .
وعلى هذا تحمل هذه الآية الاعجاز من وجهين :
الأول : انها اخبرت ضمنياً عن استمرار فساد بني أدم .
الثاني : انها اخبرت عن امر غيبي لم يتنبأ به احد ، فمن كان يدرك في عصر النبوة وربما الى عهد قريب ان فساد الانسان سيتعدى حدود اليابسة الى البحر ، والآية تتحدث عن مجالين لفساد الانسان .
الأول : البر .
الثاني : البحر .
وقد نشأ الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) في الصحراء بعيداً عن المجال الثاني ، ربما لم ير البحر ولا الانهار طوال حياته ، فكيف يتنبأ بوقوع الفساد على سطح البحر ... اكان ( صلى الله عليه وسلم ) يدرك ان ناقلات البترول العملاقة ستفرغ حمولتها لتقضي على الكائنات الحية .
ج- الافساد في المجال الجوي : التلوث الجوي هو تغيير نسب المكونات الاساسية للغلاف الجوي باضافة عناصر او استنزاف بعض مكوناته وقد يصل استمرار الانسان في ممارسة الاساليب الضارة بالبيئة الى مرحلة لاتسمح بوجود حياة على سطح الارض .
وهكذا نجد المفهوم الاسلامي للافساد في الارض يشتمل على كل صنوف الاعتداء الانساني على البيئة بنوعيها ، سواء في صورة تلوث لها او استنزاف او تعطيل .
3- القرآن الكريم ومادة الافساد : وردت مادة فسد في القرآن الكريم اكثر من خمسين مرة ، وهذا التكرار الكبير في العديد من السور ان دل على شيئ فانما يدل خطورة وبشاعة هذا السلوك وبشاعته ، وجسامة ما يترتب عليه وينجم عنه من آثار سلبية ، ويكفي ان يدمر عناصر الصلاحية ومقوماتها في الشيء .
ثم ان هذه المادة جاءت في سياق النهي المباشر من رب العزة ، والنهي على لسان بعض رسل الله عزوجل ، وجاءت في سياق الذم الشديد والاعلان الصريح بان الله سبحانه وتعالى لايحب هذا السلوك ، والغالبية العظمى منها جاءت متعلقة بالارض والمقابل الصريح لها هو مادة صلح ، كما ذكرته بعض الآيات .